DONATE

Isnin, 3 Julai 2017

اعلم رحمك الله أن النبي r حث على علم الفرائض ورغب فيه في أحاديث كثيرة: منها ما رواه أبو داود عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي r قال: «العلم ثلاث: آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة، وما كان سوى ذلك فهو فضل». وروى ابن ماجة والدارقطني عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله r «تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإنه نصف العلم وهو ينسى وهو أول شيء ينزع من أمتي» قال سفيان بن عيينة رحمه الله: معنى كونه نصف العلم أنه يبتلى به الناس كلهم، وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: وجه كونه نصف العلم أن أحكام المكلفين نوعان نوع يتعلق بالحياة ونوع يتعلق بما بعد الموت، وهذا الثاني هو الفرائض. ولا بد قبل الشروع في تفسير آيات المواريث وما بعدها من معرفة أمور مهمة: الأول منها معرفة حد هذا الفن. الثاني معرفة موضوعه. الثالث معرفة ثمرته. الرابع معرفة حكمه في الشرع. الخامس معرفة أركان الإرث. السادس معرفة شروطه. السابع معرفة أكثر ما يرد في تركة الميت من الحقوق.
فأما حد هذا الفن فهو العلم بفقه المواريث وما ضم على ذلك من حسابها. وأما موضوعه فهو التركات. وأما ثمرته فهي إيصال ذوي الحقوق حقوقهم. وأما حكمه في الشرع فهو فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين. وأما أركان الإرث فهي ثلاثة: وارث ومورث وحق موروث. وأما شروطه فهي ثلاثة: الأول تحقق حياة الوارث حين موت المورث أو إلحاقه بالأحياء حكما كالحمل، فإنه يرث بشرطين: أحدهما: تحقق وجوده في الرحم حين موت المورِّث ولو نطفة.
الثاني انفصاله حيًّا حياة مستقرة. الثاني من شروط الإرث تحقق موت المورث بمشاهدة أو استفاضة أو شهادة عدلين أو إلحاقه بالأموات حكمًا كالمفقود أو تقديرًا كالجنين إذا جُني على أمه فسقط ميتًا، فإنه يجب فيه غرة عبد أو أمة فيقدر حيًّا ثم يقدر أنه مات لتورث عنه تلك الغرة. الثالث العلم بمقتضى التوارث. والمراد به معرفة سبب الإرث وجهة الوارث ودرجته ونحو ذلك. وأما أكثر ما يرد في تركة الميت فهو خمسة حقوق وهي مُرَتَّبة إن ضاقت التركة: الأول مؤنة التجهيز كالكفن وأجرة الحفر ونحوهما. الثاني الديون المتعلقة بعين التركة كالدين الذي به رهن والأرش المتعلق برقبة العبد الجاني ونحوهما، الثالث الديون المطلقة سواء كانت لله أو لآدمي. الرابع الوصايا بالثلث فأقل لأجنبي، فإن كانت بأكثر من الثلث أو لوارث مطلقًا فلا بد من رضا الورثة. الخامس الإرث([1]).


آيات المواريث قال الله تعالى: }يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ{([2]).
وقال تعالى: }يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{([3]).
تضمنت هذه الآيات الكريمات أحكام المواريث في غاية البيان والتفصيل والإيضاح وفي غاية الحكمة، فتوصية الله للعباد بأولادهم من كمال رحمته وعنايته، وأنه أرحم بهم من والديهم، ولذلك وصى الوالدين بالأولاد؛ فالأولاد عند والديهم وصايا من الله وأمانات عندهم على الوالدين أن يربوهم تربية نافعة لدينهم ودنياهم، فإن فعلوا فقد قاموا بهذه الأمانة؛ وإلا فقد ضيعوها وباؤوا بإثمها وخسرانها، فذكر الله ميراث الأولاد، وأن لهم ثلاث حالات: إما أن يجتمع الذكور والإناث فحينئذ يتقاسمون المال أو ما أبقت الفروض على عدد رءوسهم }للذكر مثل حظ الأنثين{ سواء كانوا أولاد صلب أو أولاد ابن ويؤخذ من هذا.
الحالة الثانية: أن يكون الأولاد ذكورًا فقط، فإنهم يتقاسمونه متساوين، ومن ارتفعت درجته حجب من دونه من الأولاد إذا كان الرفيع من الذكور.
الحالة الثالثة: إذا كن إناثًا، فإن كانت واحدة فلها النصف سواء كانت بنت صلب أو بنت ابن، وإن كانتا اثنتين فأكثر فلهما الثلثان، ومن الحكمة في الإتيان بقوله }فوق اثنتين{ التنبيه على أنه لا يزيد الفرض وهو الثلثان بزيادتهن على الثنتين، كما زاد فرض النصف لما صرن أكثر من واحدة، وقد نص الله على أن الأختين فرضهما الثلثان، فالبنتان من باب أولى وأحرى فإن كان البنتان بنات صلب لم يبق لبنات الابن شيء، وصار البقية بعد فرض البنات للعاصب، وإن كانت العالية واحدة أخذت النصف، وباقي الثلثين وهو السدس لبنت أو بنات الابن.
هذا ميراث الأولاد قد استوعبته الآية استيعابًا كاملاً، وقد علمنا من ذلك أن لفظ الوالد يشمل الذكر والأنثى من أولاد الصلب وأولاد الابن وإن نزلوا، وأما أولاد البنات فلا يدخلون في إطلاق اسم الأولاد في المواريث.
ثم ذكر الله ميراث الأبوين: الأم والأب. فجعل الله للأم سدسًا وثلثًا، جعل لها السدس مع وجود أحد من الأولاد مطلقًا، منفردين أو متعددين، أولاد صلب أو أولاد ابن، وكذلك جعل لها السدس بوجود جمع من الإخوة والأخوات اثنين فأكثر، وجعل لها الثلث إذا فقد الشرطان المذكوران.
وأما ثلث الباقي في زوج أو زوجة وأبوين فقيل إنه يؤخذ من قوله }وورثه أبواه{ فإذا كان معهما أحد الزوجين خرجت عن هذا فلم يكن لها ثلث كامل، أو يقال: إن الله أضاف الميراث للأبوين وهو الأب والأم فيكون لها ثلث ما ورثه الأبوان، ويكون ما يأخذه الزوج أو الزوجة بمنزلة ما يأخذه الغريم، فالله أعلم.
وأما الأب فقد فرض الله له السدس مع وجود أحد من الأولاد، فإن كان الأولاد ذكورًا لم يزد الأب على السدس وصار الأبناء أحق بالتقديم من الأب بالتعصيب بالإجماع.
وإن كان الأولاد إناثًا واحدة أو متعددات، فرض له السدس ولهن أو لها الفرض، فإن بقي شيء فهو لأولى رجل، وهو الأب هنا؛ لأنه أقرب من الإخوة وبنيهم ومن الأعمام وبنيهم، فجمع له في هذه الحالة بين الفرض والتعصيب، وإن استغرقت الفرض التركة، لم يبق للأب زيادة عن السدس، كما لو خلف أبوين وابنتين؛ فكل واحد من الأبوين السدس، وللبنتين الثلثان.
ومفهوم الآية الكريمة أنه إذا لم يكن أولاد ذكور ولا إناث، أن الأب يرث بغير تقدير، بل بالعصب، بأن يأخذ المال كله إذا انفرد، أو ما أبقت الفروض إن كان معه أصحاب فروض، وهو إجماع، وحكم الجد حكم الأب في هذه الأحكام إلا في العُمَرِيَّتَيْن، فإن الأم ترث ثلثًا كاملا مع الجد؛ وأما ميراث الجدة السدس عند عدم الأم فهو في السنة.
ثم ذكر الله ميراث الزوجين، وأن الزوج له نصف ما تركت زوجته إن لم يكن لها ولد، فإن كان لها ولد فله الربع، وأن الزوجة واحدة أو متعددات لها الربع مما ترك الزوج إن لم يكن له ولد، فإن كان للزوج ولد منها أو من غيرها ذكر أو أنثى، ولد صلب أو ولد ابن، فلها أو لهن الثمن.
ثم ذكر الله ميراث الإخوة من الأم، وأنهم لا يرثون إلا إذا كانت الورثة كلالة ليس فيهم أحد من الفروع ولا الأب والجد، فللواحد من الإخوة من الأم أو الأخوات السدس، وللاثنين فأكثر الثلث، يستوي فيه ذَكَرَهُم وأنثاهم، وهذه الفروض كلها ذكر الله أنها من بعد الوصية إذا حصل الإيصاء بها، ومن بعد الدين. وقد قضى النبي r: أن الدّين قبل الوصية. وقد اتفق العلماء على ذلك، وشرط الله في الوصية أن لا تكون على وجه المضارة بالورثة، فإن كانت كذلك فإنها وصية إثم وجنف يجب تعديلها ورد الظلم الواقع فيها.
وأخبر تعالى أن هذه التقديرات والفرائض حدود الله قدرها وحددها، فلا يحل مجاوزتها ولا الزيادة فيها والنقصان، بأن يعطي وارث فوق حقه، أو يحرم وارث أو ينقص عن حقه.
ثم ذكر في آخر السورة ميراث الإخوة لغير أم وأخواتهم بأن الأنثى الواحدة لها النصف، وللثنتين فأكثر الثلثان، وإن اجتمع رجال ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين، ويقال فيهم كما يقال في الأولاد إذا كانوا ذكورًا تساووا إذا كانوا أشقاء أو لأب، فإن وجد هؤلاء وهؤلاء حجب الأشقاء الأخوة للأب، وإن كن نساء شقيقات وأخوات لأب واستغرق الشقيقات الثلثين لم يبق للأخوات للأب شيء؛ فإن كانت الشقيقة واحدة أخذت نصفها وأعطيت الأخت للأب أو الأخوات السدس تكملة الثلثين.
وما سوى هذه الفروض فإن الورثة من إخوة لغير أم وبنيهم وأعمام وبنيهم وولاء يدخلون في قوله r في حديث ابن عباس الصحيح: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» رواه مسلم، فيقدم الإخوة ثم بنوهم ثم الأعمام ثم بنوهم ثم الولاء، ويقدم منهم الأقرب منزلة، فإن استوت منزلتهم قدم الأقوى وهو الشقيق على الذي لأب. والله أعلم([4]).


1- عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال
رسول الله
r: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» متفق عليه.
الفرائض المنصوصة في القرآن ست: النصف، والربع، والثمن، والثلثان، والثلث، والسدس، قوله: «فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» أي ما بقي من المال بعد أهل الفرائض فهو لأقرب عَصَبَةٍ الميت، وأقرب العصبات البنوة، ثم بنوهم وإن سفلوا، ثم الأب ثم أبوه وإن علا، ثم الأخ لأبوين، ثم لأب، ثم بنو الإخوة وإن سفلوا، ثم الأعمام ثم بنوهم وإن سفلوا، ثم المعتق، ثم عصباته.
2- وعن أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما أن النبي r قال: «لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم» متفق عليه الحديث دليل لمذهب الجمهور في عدم التوارث بين السلم والكافر مطلقا.
3- وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: «وفي بنت وبنت ابن وأخت قضى النبي r للابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت» رواه البخاري.  الحديث دليل على أن الأخوات من البنات عصبة، وهو إجماع.
4- وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله r «لا يتوارث أهل ملتين» رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي، وأخرجه الحاكم بلفظ أسامة، وروى النسائي حديث أسامة بهذا اللفظ.
الحديث دليل على أنه لا توارث بين أهل ملتين مختلفتين، والمراد بالملتين عند الجمهور الكفر والإسلام.
5- وعن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه قال: «جاء رجل إلى النبي r فقال: إن ابن ابني مات، فما لي من ميراثه؟ فقال: لك السدس، فما ولَّى دعاه فقال: لك سدس آخر، فلما ولى دعاه فقال: إن السدس الآخر طعمة» رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي. وهو من رواية الحسن البصري عن عمران، وفي سماعه خلاف.
صورة هذه المسألة أن الميت ترك بنتين، وهي من ستة فللبنتين الثلثان أربعة، وللجد السدس فرضا والباقي تعصيبًا، وفيه دليل على أن الإخوة لا يرثون مع الجد لترك الاستفصال عند وجود الاحتمال.
6- وعن ابن بريدة عن أبيه رضي الله تعالى عنهما: «أن
النبي
r جعل للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم» رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود، وقواه ابن عدي.
الحديث دليل على أن ميراث الجدة السدس إذا لم يكن دونها أم، سواء كانت أم أم أو أم أب.
7- وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله r: «الخال وارث من لا وارث له» أخرجه أحمد والأربعة سوى الترمذي، وحسَّنه أبو زرعة الرازي، وصححه الحاكم وابن حبان.
الحديث دليل على توريث الخال عند عدم الوارث من ذوي السهام ومن الصعبة، وفيه دليل على توريث ذوي الأرحام، وهم أقدم من بيت المال، وقد قال الله تعالى: }وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{ [سورة الأنفال آية 75].
8- وعن أبي أمامة بن سهل رضي الله تعالى عنه قال: «كتب عمر إلى أبي عبيدة رضي الله تعالى عنهما: أن رسول الله r قال: الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له» رواه أحمد والأربعة سوى أبي داود، وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان.
الحديث دليل على أن مال من لا وارث له يصير لبيت المال عند عدم أهل الفرائض والعصبة وذوي الأرحام.
9- وعن جابر
t عن النبي r قال: «إذا استهل المولود ورث» رواه أبو داود وصححه ابن حبان.
الاستهلال: الصراخ، وفي معناه العطاس والتنفس والارتضاع، وما يدل على الحياة، والحديث دليل على أنه إذا استهل ثبت الميراث، ويقاس عليه سائر الأحكام كالقود وغيره.
10- وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله تعالى عنهم قال: قال رسول الله r: «ليس للقاتل من الميراث شيء» رواه النسائي والدارقطني وقواه ابن عبد البر وأعله النسائي، والصواب وقفه على عمرو.
الحديث دليل على عدم توريث القاتل عمدًا كان أو خطأً، وهو قول أكثر العلماء، وأخرج البيهقي عن خلاس: «أن رجلاً رمى بحجر فأصاب أمه فماتت من ذلك فأراد نصيبه من ميراثها، فقال له إخوته: لا حق لك، فارتفعوا إلى علي، فقال له t: حقك من ميراثها الحجر فأغرمه الدية ولم يعطه من ميراثها شيئًا».
11- وعن عمر بن الخطاب t قال: سمعت رسول الله r يقول: «ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة، وصححه ابن المديني وابن عبد البر.
الحديث فيه قصة، ولفظه في السنن أن رباب بن حذيفة تزوج امرأة فولت له ثلاثة أغلمة، فماتت أمهم فورثوها رباعها وولاء مواليها، وكان عمرو بن العصا عصبة بنيها فأخرجهم إلى الشام فماتوا، فقدم عمرو بن العاص ومات مولى لها وترك مالا فخاصمه إخوانها إلى عمر بن الخطاب، فقال عمر قال رسول الله r: «ما أحرز» الحديث، وفيه دليل على أن الولاء لا يورث فإذا أعتق رجل عبدًا، ثم مات ذلك الرجل وترك أخوين أو ابنين، ثم مات أحد الابنين وترك ابنًا أو أحد الأخوين وترك ابنًا فميراثه للابن وحده.
12- وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله r: «الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب» رواه الحاكم من طريق الشافعي عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف، وصححه ابن حبان، وأعله البيهقي.
الحديث دليل على أن الولاء لا يكتسب ببيع ولا هبة لأنه كالنسب.
13- وعن أبي قلابة عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله r: «أفرضكم زيد بن ثابت» أخرجه أحمد والأربعة سوى أبي داود، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم، وأُعِلَّ بالإرسال.
فيه دليل على أن زيد بن ثابت أفرض الصحابة رضي الله عنهم، فلهذا اعتمده الشافعي والله أعلم.([5]).
14- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر» خرجه البخاري ومسلم.
هذا الحديث مشتمل على أحكام المواريث وجامع لها قوله r: «ألحقوا الفرائض بأهلها». وفي رواية (اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله) يشير إلى قوله تعالى: }يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين{ الآيتين. وقوله }يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ{ الآية. فاشتملت الآيات على ميراث الأولاد والوالدين والأزواج والزوجات والإخوة والأخوات، فقوله تعالى: }يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ{ يشمل ميراث الأولاد ذكورا أو إناثا. ويدل على ميراث الأب والأم قوله تعالى: }وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا{
ثم بين ميراث الرجل من امرأته فقال: }وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ{ ثم بين ميراث المرأة من زوجها فقال: }وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ{ ثم بين ميراث الإخوة من الأم فقال: }وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ{ ثم توعد تعالى من تجاوز هذه الفرائض المقدرة فقال: }تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ{ وبين ميراث الإخوة من الأب في آخر السورة فقال }يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{. (قوله r: «فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر»: أي أقرب رجل من العصبة وهم البنوة، ثم بنوهم وإن سفلوا، ثم الأب، ثم الجد وإن علا، ثم الأخ الشقيق، ثم الأخ من الأب، ثم بنوهم كذلك وإن سفلوا، ثم الأعمام، ثم بنوهم كذلك، ثم المولى المعتق، ثم عصباته([6]).
وقد حث r على تعلمه وتعليمه وأخبر أنه ينسى وأنه أول علم يفقد من الأمة. الفرائض جمع فريضة وهي العلم بفقه المواريث. وموضوعه التركات وهي مخلفات الميت، وثمرته إيصال ذوي الحقوق حقوقهم، وحكمه في الشرع فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين. وأركانه ثلاثة وارث وهو الحي ومورِّث وهو الميت وحق موروث وهو المال. وشروطه ثلاثة تحقق موت المورِّث وتحقق حياة الوارث والعلم بمقتضى التوارث والمراد به معرفة سبب الإرث وجهة الوارث ودرجته ونحو ذلك.
وأسباب الإرث ثلاثة نكاح وولاء ونسب وهو القرابة. وموانع الإرث ثلاثة رق وقتل واختلاف دين فلا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم. والورثة ثلاثة ذو فرض وعصبة ورحم، والنساء كلهن صاحبات فرض إلا المعتقة. والرجال كلهم عصبات بأنفسهم إلا ولد الأم والزوج يرثان بالفرض فقط. فذووا الفرض عشرة الأبوان والزوجان والجد والجدة والبنت وبنت الابن والأخت وولد الأم. والفروض المقدرة في كتاب الله ستة النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس.
فالنصف فرض خمسة الزوج إن لم يكن للزوجة ولد ولا ولد ابن والبنت وبنت الابن مع عدم ولد الصلب والأخت لأبوين مع عدم الولد وولد الابن والأخت للأب عند عدم الأشقاء.
والربع فرض اثنين الزوج مع الولد أو ولد الابن، والزوجة فأكثر مع عدمهما. والثمن فرض الزوجة أو الزوجات مع الولد أو ولد الابن. والثلثان فرض أربعة البنتين فأكثر وبنتي الابن فأكثر والأختين لأبوين فأكثر والأختين لأب فأكثر. والثلث فرض اثنين ولدي الأم فأكثر يستوي فيه ذكرهم وأنثاهم، والأم حيث لا ولد للميت ولا ولد ابن ولا عدد من الإخوة والأخوات.
والسدس فرض سبعة الأم مع الولد أو ولد الابن أو عدد من الإخوة والأخوات. والجدة فأكثر مع تساوي الدرجة، وبنت الابن فأكثر مع بنت الصلب والأخت لأب فأكثر مع أخت لأبوين. والأب مع الولد أو ولد الابن. وهو فرض واحد من أولاد الأم. والجد مع الولد أو ولد الابن. والعاصب من يرث بلا تقدير فإن انفرد أخذ جميع المال وإلا أخذ ما أبقت الفروض وإلا سقط إذا لم يبق شيء. وإن عدمت عصبة النسب ورث المولى المعتق ثم عصبته الذكور الأقرب فالأقرب وإن لم يكن عملنا بالرد فإن لم يكن ورثنا ذوي الأرحام وهم كل قرابة ليس بذي فرض ولا عصبة والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله r: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر» متفق عليه أي ما بقي من المال بعد أهل الفروض الستة المتقدمة فهو لأقرب عصبة الميت وأقربهم البنون ثم بنوهم وإن سفلوا ثم الأب ثم أبوه وإن علا. ثم الأخ لأبوين ثم الأب ثم بنو الإخوة وإن سفلوا ثم الأعمام ثم بنوهم وإن سفلوا ثم المعتق ثم عُصَبَاتِه، والله أعلم.
أرقام آيات المواريث في القرآن من سورة النساء، آية ميراث الأولاد والوالدين (11) آية ميراث الزوج والزوجات والإخوة لأم (12) آية ميراث الإخوة أشقاء أو لأب (176)([7]).
علمت مما تقدم أن الفرض لا تخرج عن النصف والربع والثمن والثلثين والثلث والسدس.
ولكل فرض عدد من الورثة يشتركون فيه بحسب أحوالهم. وإليك بيان من يشترك في كل فرض من تلك الفروض.
النصف: هو فرض خمسة.
1- الزوج عند عدم الفرع الوارث ذكرًا كان أم أنثى.
2- البنت إذا لم يكن معها ابن (أخ لها).
3- بنت الابن وإن نزلت إذا لم يكن معها بنت أو لم يكن هنالك بنت ابن أعلى منها.
4- الأخت الشقيقة عند عدم البنت وبنت الابن والأخ الشقيق والأب.
5- الأخت لأب عند عدم الأخت الشقيقة والأخ لأب والأخ الشقيق والأب والبنت والابن وبنت الابن.
الربع: فرض اثنين.
1- الزوج عند وجود الفرع الوارث ذكرًا كان أم أنثى.
2- الزوجة فأكثر عند عدم الفرع الوارث ذكرًا كان أم أنثى.
الثمن: فرض الزوجة عند وجود الفرع الوارث.
الثلثان: فرض أربعة:
1- البنتين فأكثر عند عدم الابن.
2- بنتي الابن فأكثر عند عدم البنت أو الابن أو ابن الابن.
3- الأختين الشقيقتين عند عدم الأخ الشقيق والبنت والابن وابن الابن والأب.
4- الأختين لأب عند عدم الابن والبنت وابن الابن والأخ الشقيق والأخ لأب والأختين الشقيقتين والأب.
الثلث: فرض اثنين.
1- الأم: ثلث الكل عند عدم الفرع الوارث أو اثنين فأكثر من الإخوة والأخوات، وثلث الباقي بعد فرض الزوج أو الزوجة في إحدى العُمَرتين وهما زوج أو زوجة مع أم وأب.
2- الاثنين فأكثر من الإخوة والأخوات لأم عند عدم الفرع الوارث والأب والجد.
السدس: فرض سبعة
1- الأب عند وجود الفرع الوارث.
2- الجد عند عدم الأب ووجود الفرع الوارث.
 3- الأم عند وجود الفرع الوارث أو اثنين من الإخوة والأخوات.
4- الجدة الصحيحة عند عدم الأم.
5- بنات الابن مع البنت عند عدم الابن أو ابن الابن.
6- الأخت لأب مع الأخت الشقيقة إذا لم يكن معها أخ لأب.
7- ولد الأم عند فقد الفرع الوارث والأب والجد.
هذه خلاصة أحكام الإرث وأنصباء الوارثين، ذكرت فيها ما لا بد من معرفته عن هذا النظام الدقيق المتقن، والحمد لله رب العالمين.([8]).











الحمد لله الوهاب المنان المنعم علينا بنعمة الإسلام والإيمان والصلاة والسلام على سيدنا محمد منبع العلم والرسالة وعلى آله المطهرين وصحابته الوارثين لأحكام شريعته إلى يوم الدين، أما بعد فهذه وريقات في علم الميراث جعلتها للقاصرين مثلي راجيًا من الله تعالى أن يجعل فيها الإخلاص والقبول لتكون لما فوقها سلم الوصول ورتبتها على مقدمة ومقصد وخاتمة نسأل الله تعالى أن يرزقنا بها حسن الخاتمة.
علم الفرائض: هو فقه المواريث وعلم الحساب الموصل لمعرفة ما يخص كل ذي حق من التركة.
وموضوعه: التركات فقط.
وواضعه: هو الله تعالى.
وحكمه: الوجوب العيني أو الكفائي.
ومسائله: قضاياه التي تطلب نسبة محمولاتها إلى موضوعاتها كقولنا: الورثة أقسام قسم يرث بالفرض والتعصب كالأب وقسم يرث بالفرض كالزوج والأخ للأم وقسم يرث بالتعصيب كالابن.
وفضله: جزيل لما قيل إنه نصف العلم وقد حث النبي r على تعلمه وتعليمه.([9])
ونسبته إلى غيره: أنه من العلوم الشرعية.
وغايته: إيصال الحقول إلى ذويها. وفائدته: الاقتدار على تعيين السهام لذويها.
واستمداده: من الكتاب والسنة والإجماع.
والإرث: هو حق قابل للتجزؤ يثبت لمستحقه بعد موت من هو له.
وأركانه: ثلاث مورث بكسر الراء المشددة ووارث وحق موروث.
وشروطه: ثلاثة تحقق موت المورِّث وتحقق حياة الوارث بعد موت المورِّث والعلم بالجهة المقتضية للإرث.
وأسبابه: ثلاثة النسب والنكاح والولاء.
وموانعه: الرق والقتل واختلاف الدين([10]).
الابن وابن الابن، والأب والجد، والأخ الشقيق الأخ للأب، والأخ للأم، وابن الأخ الشقيق وابن الأخ للأب، والعم الشقيق والعم للأب وابن العم الشقيق وابن العم للأب والزوج والمعتق.
البنت وبنت الابن والأم والجدة من جهتها والجدة من جهة الأب والأخت الشقيقة والأخت للأب والأخت للأم والزوجة والمعتقة.


إذا اجتمع كل الذكور فالوارثون منهم ثلاثة الأب والابن الزوج وإذا اجتمع كل الإناث فالوارثات منهن خمس البنت وبنت الابن والزوجة والأم والأخت الشقيقة. وإذا اختلط الذكور والإناث فيرث منهم خمسة الأب والأم والابن والبنت وأحد الزوجين. (واعلم) أن الفروض المذكورة في القرآن ستة وهي النصف والربع والثمن وهي نوع، والثلثان والثلث والسدس وهي نوع آخر.
متى جاءت الفروض مكررة في المسألة من نوع واحد فأصل المسألة هو مخرج الأقل كسرًا كالسدس والثلث والثلثين فأصلها من ستة مخرج السدس ومتى جاءت مكررة من نوعين فإن كان أحدهما نصفًا فأصلها من ستة وإن كان أحدهما ربعًا فأصلها من اثني عشر وإن كان أحدهما ثمنًا فأصلها من أربعة وعشرين.
ويحتوي على أربعين([11]) حالة للورثة:
للبنت منها ثلاث حالات:
(الأولى) النصف للواحدة (الثانية) الثلثان للاثنتين فأكثر (الثالثة) تعصيبها بالابن أي للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولبنت الابن ست حالات:
(الأولى) النصف للواحد عند عدم البنت الصلبية (الثانية) الثلثان للاثنتين فأكثر كذلك (الثالثة) تعصيبها ابن الابن (الرابعة) السدس مع الواحدة الصلبية تكملة للثلثين ما لم يكن بحذائها غلام فيعصبها (الخامسة) سقوطها بالبنتين الصلبيتين ما لم يكن بحذائها غلام فيعصب من في درجته والعليا أيضًا (السادسة) سقوطها بابن الصلب.
وللأخت للأبوين خمس حالات: (الأولى) النصف للواحدة (الثانية) الثلثان للاثنتين فصاعدًا (الثالثة) تعصيبها بأخ لأبوين للذكر مثل حظ الأنثيين (الرابعة) صيرورتها عصبة مع البنت أو بنت الابن فلها الباقي وهو النصف مع البنت والثلث مع البنتين فصاعدًا (الخامسة) سقوطها بالابن وابن الابن وإن نزل وبالأب.
وللأخت للأب فقط سبع حالات:
(الأولى) النصف للواحدة عند عدم الأخت الشقيقة (الثانية) الثلثان للاثنتين فصاعدًا كذلك (الثالثة) تعصيبها بالأخ للأب (الرابعة) صيرورتها عصبة مع البنت أو بنت الابن أي فلها الباقي (الخامسة) سقوطها بالابن وابن الابن وإن نزل وبالأب وبالأخ الشقيق وبالأخت الشقيقة إذا صارت عصبة مع البنت (السادسة) السدس إذا كانت مع الشقيقة تكملة الثلثين ما لم يكن معها أخ لأب فيعصبها للذكر مثل حظ الأنثيين وتسقط معه لو استغرقت الفروض التركة (السابعة) سقوطها بالشقيقتين ما لم يكن معها أخ لأب فيعصبها في الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين.
وللإخوة للأم ثلاث حالات:
(الأولى) الثلث للاثنين فأكثر والذكور والإناث في القسمة سواء (الثانية) السدس للمنفرد منهم (الثالثة) سقطوهم بالولد([12]) وولد الابن وبالأب وبالجد.
وللأم ثلاث حالات أيضًا:
(الأولى) السدس مع الولد أو ولد الابن وإن سفل والعدد من الإخوة والأخوات من أي جهة كانوا (الثانية) الثلث من أصل المسألة عند عدم هؤلاء وعدم الأب وأحد الزوجين (الثالثة) الثلث من الباقي بعد فرض أحد الزوجين إذا كانت مع الأب.
وللجدة حالتان:
(الأولى) السدس سواء كانت لأم أو لأب واحدة أو أكثر (الثانية) سقوطها بالأم مطلقًا وتزيد الأبوية حجبها بالأب
لإدلائها به.
وللزوجة حالتان:
(الأولى) الربع إن خلا الزوج عن الولد أو ولد الابن سواء كان الولد منها أو من غيرها (الثانية) الثمن مع من ذُكِر.
وللزوج حالتان
(الأولى) النصف عند فقد الولد أو ولد الابن وإن سفل (الثانية) الربع عند وجود من ذُكِر.


وللأب ثلاث حالات:
(الأولى) السدس فقط مع الابن أو ابن الابن وإن سفل (الثانية) السدس مع التعصيب إذا كان مع البنت أو بنت الابن وإن سفلت (الثالثة) التعصيب فقط عند عدم من ذُكِر.
وللجد أربع حالات:
(الأولى) السدس فقط عم البن أو ابن الابن وإن سفل (الثانية) السدس مع التعصيب إذا كان مع البنت أو بنت الابن وإن سفلت (الثالثة) التعصيب فقط عند عدم من ذكر (الرابعة) حجبه بالأب.



الحجب نوعان حجب حرمان وهو المراد عند الإطلاق ومعناه المنع من كل الميراث وحجب نقصان وهو المنع من بعضه ولا يدخل الحجب على الوالدين والولدين والزوجين ويدخل على من عدا ذلك فيحجب الجد بالأب وابن الابن بالابن وكل أسفل بأعلى والأخ الشقيق بالأب وبالابن وابنه ويحجب الأخ للأب بمن ذكر في الشقيق والأخ الشقيق وبالأخت الشقيقة إذا صارت عصبة مع الغير وتحجب الإخوة للأم بالأب والجد والابن وابنه والبنت وبنت الابن ويحجب ابن الأخ وإن كان شقيقًا بالأخ وإن كان لأب ويحجب العم وابنه بالأخ وابنه وتحجب الجدة مطلقًا بالأم والجدة لأب بالأب وتحجب البعدى من جهة بالقربى وتحجب البعدى لأب بالقربى لأم ولا تحجب البعدى من جهة الأم بالقربى من جهة الأب لفوتها بل يشتركان في السدس وتحجب بنات الابن بابن وبنتين وبابن ابن أعلى وإن لم يكن أعلى فإن كان مساويًا عصبهن مطلقًا سواء كان لبنات لابن شيء من الثلثين أم لا وإن كان أسفل عصبهن إذا لم يكن لبنات الابن شيء من الثلثين وتحجب الأخت لأب بالأختين لأبوين إلا إذا كان معها أخ لأب فيعصبها وهو المعروف بالأخ المبارك. وليكن هذا آخر ما كتبته وجمعته في هذه الوريقات جعلها المولى مباركة ميمونة بالنفع على طلابها وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم وشرف وكرم.
تمت،،،
1)   القرآن الكريم من سورة النساء.
2)   الفوائد الجلية في المباحث الفرضية لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز وفقه الله.
3)   تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن للشيخ عبد الرحمن ابن ناصر السعدي رحمه الله.
4)   مختصر الكلام على بلوغ المرام للشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك رحمه الله.
5)   محاسن الدين على متن الأربعين له.
6)   مشروعية الإرث وأحكامه في الإسلام للدكتور مصطفى السباعي.
7)   بهجة الناظرين فيما يصلح الدنيا والدين للمؤلف.
8)   الثمار اليانعة من الكلمات الجامعة للمؤلف.



([1]) الفوائد الجلية في المباحث الفرضية ص 5- 6. لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
([2]) سورة النساء الآية: 11، 12.
([3]) سورة النساء الآية 176.
([4]) تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى ص 75- 76.
([5]) مختصر الكلام على بلوغ المرام ضمن المجموعة الجليلة للشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك رحمه الله ص 229- 320.
([6]) محاسن الدين على متن الأربعين ضمن المجموعة الجليلة للشيخ فيصل آل مبارك.
([7]) بهجة الناظرين فيما يصلح الدنيا والدين للمؤلف ص 447.
([8]) مشروعية الإرث وأحكامه في الإسلام ضمن كتاب (هذا هو الإسلام للدكتور مصطفى السباعي) رحمه الله تعالى 1/ 65.
([9]) في الحديث الذي رواه ابن ماجة والحاكم ورمز السيوطي لصحته.
([10]) فلا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم لحديث أسامة بن زيد متفق عليه.
([11]) تنبيه هذه الأحوال لمن يرث بالفرض وهم ثلاثة عشر: الزوج والأب والجد والأخ للأم وجميع الوارثات من النساء إلا المعتقة ومن سوى هؤلاء فإنما يرث بالتعصيب.
([12]) المراد بالولد ما يشمل الابن والبنت.

Tiada ulasan: